إيمان عبد المنعم - شريف الدواخلي - أحمد عبد الجواد | |
|
|
مشهد للمبنى المحترق | القاهرة - كيف قرأ المصريون الحريق غير المسبوق لمبنى البرلمان؟ الإجابة عن هذا السؤال جاءت متنوعة، فالبعض رأى فيه عقابًا من الله تعالى للحكومة جراء الأوضاع الداخلية "المتردية".. والبعض اتخذ من الحادث فرصة للتنفيس عن غضبه وسخطه على الحكومة في عبارات من السخرية والتهكم بلغت أحيانا حد الشماتة والتشفي.. وآخرون رأوا أن الخاسر هو الشعب "الذي سيتحمل فاتورة الحادث".
وبالرغم من اختلاف رؤى المواطنين للحريق الذي التهم أمس الثلاثاء مبنى البرلمان، وخاصة غرفته الثانية (مجلس الشورى)، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة 18، فإن الشعور بالأسى والحزن جمع بين أصحاب تلك الرؤى على واقع واطنهم الذين كانوا يأملون أن يكون أفضل حالا من ذلك.
التنفيس عن هذه الرؤى جاء عبر وسائل عدة.. فرواد الإنترنت وجدوا في المدونات والأماكن المخصصة لتعليقات القراء أسفل صفحات الأخبار على مواقع الإنترنت ساحة حرة للتعبير عما يدور في صدورهم، بينما مثلت وسائل المواصلات وأحاديث الشارع ساحة أخرى موازية للمواطنين العاديين | فتحت عنوان "الرجوع إلى الله.. فنار البرلمان ولا نار جهنم"، كتب أحد القراء في تعليق على خبر نشره موقع "إسلام أون لاين.نت" حول الحادث يقول: "إنها دعوات ضحايا العبارة.. والمرة القادمة يندلع الحريق والبرلمان بجميع حشده.. فالرجوع إلى الله والعدل يا أولي الأمر قبل فوات الأوان".
وكان القضاء قد أصدر مؤخرا حكما ببراءة جميع المتهمين في قضية غرق العبارة السلام 98 التي أودى غرقها بالبحر الأحمر في 2006 بحياة 1034 شخصا كانوا على متنها.
وفي تعليق آخر نشره موقع "العربية.نت" تحت عنوان "يا رب عقبال الباقي"، قال أحد القراء: "يالا خلي صفوت الشريف (رئيس مجلس الشورى) يقعد في البيت، ده عدل ربنا لأنهم بيطبخوا القوانين اللي بتبهدل الشعب وعقبال مجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان) بتاع المرتشين، وربنا شايف أنهم زودوها في سرقة الشعب فولع في المباني اللي بيطلع منها قوانين لصالح رجال الأعمال وضد الشعب المصري".
وعلى نفس الموقع يقول زائر في تعليق آخر تحت عنوان "الشعب المظلوم": "ولعوا في الأسعار لحد ما ولع ربنا فيهم".
وبخطاب أشد لهجة نقل موقع "مصراوي" تعليقا لأحد القراء تحت عنوان و"لهم عذاب الحريق" يقول فيه: "أقول للذين ظلموا وبغوا على الناس وأودعوهم السجون والمعتقلات جراء المحاكم العسكرية هذا جزء بسيط ورسالة من الله عز وجل إليكم أيها الظالمون".
ومن الفضاء الإلكتروني إلى الشارع حيث سيطر نفس الخطاب الذي يرى في الحادث انتقاما من الله، حيث يقول أحد المواطنين لصديقه في إحدى حافلات الركاب: "شفت المبنى تفحم تماما، وكأن السماء تنتصر لنا من الحكومة، والدور الجاي على قصر العروبة (الرئاسة) إن شاء الله".
"تستاهلوا"
في الإطار ذاته اتخذ آخرون من الحادث فرصة للسخرية والتهكم من الحكومة رغم ما في قلوبهم من حزن بعد أن عجزت السلطات عن إخماد الحريق الذي استمر نحو تسع ساعات، قبل أن يلتهم المبنى بشكل شبه تام.
فقد تساءلت مدونة "أي كلام" عن سر "فشل" الحكومة في إخماد الحريق بقولها: "يعني الدولة مش عارفة تعمل نظام إطفاء زي اللي في أي مول أو أوتيل أو جامعة خاصة".
أما مدونة (شارم لايف) فنقلت عن أحد المدونين قوله: "بالله عليكم يا حكومة اهتموا بالأمان بدل ما أنتم مشغولين بالاعتقالات وتعذيب الشعب".
وعلى مدونة باسم "مالك مصطفى" تقول عبارة لأحد المعلقين: إن الحريق وقع "لمنع أعضاء المجلس من جماعة الإخوان المسلمين من الدخول بحجة أن أسماءهم كانت مكتوبة في الورقة القديمة اللي اتحرقت في البوفيه ولا يمكن إثبات صحة عضويتهم".
وواصل صاحب التعليق نفس لهجته التهكمية قائلا على لسان متحدث باسم حركة كفاية: "حرق المجلس مؤامرة حكومية لمنع التظاهرات السلمية أمامه".
وتعليقا على أحد أخبار موقع "الجزيرة نت" يقول قارئ سمى نفسه أحمد فؤاد نجم (شاعر يساري معارض) بلهجة أسى: "أنا مشفتش شعب فرحان في حريق في بلده بالشكل ده.. كتر خير الحكومة إنها صابرة عليكم لغاية دلوقتي.. دي ممكن تسحب منكم الجنسية.. على فكرة أنا كتبت اسم أحمد فؤاد علشان هو متعود على السجن".
ومن قلب الشارع المصري يقول أحد المواطنين بغضب ممزوج بحزن: "أحسن والله، تستاهلوا، أنا مش عارف المبنى ما ولعش ليه على رأس نواب المجلس.. عشان نرتاح منهم".
واأسفاه
في المقابل وبعيدا عن لهجة التشفي والسخرية من السلطات، وجد آخرون في الحادث مأساة جديدة تضاف إلى رصيد كوارث الشعب المصري.
فعبر مدونة "كليوباترا" أعرب أحد المعلقين عن حسرته على احتراق "هذا المبنى الذي يحمل قيمة تاريخية.. وتوجد داخله الملايين من الوثائق التاريخية التي تسجل تاريخ الحياة النيابية في مصر، كما يضم متحفا لمخطوطات نادرة".
وعلى موقع "العربية نت" يقول معلق على أحد الأخبار تحت عنوان "واأسفاه على ما يحدث بمصر": "الإهمال والتسيب وعدم الانضباط كلها أسباب تؤدي إلى وقوع كوارث بمصر وكأنه كتب علينا أن نعاني دائما.. متى نتخلص من السلبية وننهض كباقي الشعوب المتحضرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
لكن أحد المواطنين اعتبر في حديث مع "إسلام أون لاين.نت" أن "فاتورة الحريق سيتكبد نفقاتها هذا الشعب المقهور، فلن يتصدق الرئيس بألف جنيه علشان نشتري عبوتين أسمنت على الأقل".
وتشهد مصر خلال السنوات الماضية موجة من الغضب الشعبي تجاه الحكومة جراء ارتفاع الأسعار والإهمال في العديد من القطاعات الخدمية، مثل وسائل النقل والصحة، الأمر الذي تسببت في كوارث عدة أسفرت عن سقوط مئات الضحايا. |