2leep.com

التابعي رجاء بن حيوة

عرض القصة

 

  الصفحة الرئيسية » ركـــن القـصــص » سير التابعين - لدكتور محمد راتب النابلسي

اسم : التابعي رجاء بن حيوة
كاتب :

سير التابعين الأجلاء- رقم الدرس 10|20: ( التابعي رجاء بن حيوة)- لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

مقولة قالها مسلمة بن عبد الملك عن رجاء بن حيوة :

أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس العاشر من سير التابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، والتابعيّ اليوم هو رجاء بن حيوه، وقد قال مسلمة بن عبد الملك: ((إن في كندا لثلاثة رجال؛ ينزل الله بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء، أحدهم رجاء بن حيوة)) فمن هو هذا التابعي؟.

على كل؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة)) باب الخير مفتوح، وفضل الله عميم، لا يُحد لا بزمان ولا بمكان، ولا بأمة ولا بقرن، ولا بجيل، وإنّ الله هو هو، وعطاؤه مبذول، ورحمته واسعة، والطريق إليه سالك، وثمن الجنة معروف .

هذا يؤكد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ)) .

فهذا التابعي ربما لم يَرِد في ذهنكم من قبل، فمن هو؟ .

أين ولد رجاء بن حيوة, وفي أي عهد من الخلفاء الراشدين, وكيف نشأ ؟

هذا رجل وُلِد في بيسان من أرض فلسطين، وكانت ولادته في أواخر خلافة عثمان بن عفان، أو نحواً من ذلك، وكان ينتمي إلى قبيلة كندة العربية، وعلى هذا فرجاء بن حيوة فلسطيني الوطن، عربي الأرومة، كندي العشيرة .

وقد نشأ الفتى الكندي في طاعة الله، ودائماً وأبداً أؤكد لكم، مَن لم تكن له بداية محرقة، لم تكن له نهاية مشرقة، وتغمرني السعادة حينما أرى شاباً ناشئاً في طاعة الله، فالخير يتراكم، والقناعات تتراكم، والإيمان يتراكم، فإذا كان في هذا السن ملتزمًا مطبقًا منيبًا، فكيف إذا رأيته في الأربعين، وفي الخمسين؟ فالزمن لصالح المؤمن، يزيده تألقاً وعلماً، ويزيده هيبةً ومكانة، ويزيده قرباً مِن الجنة، فلذلك ما من تابعي كما ترون، وما من صحابي في الأعمّ الأغلب, إلا وقد نشأ في طاعة الله النشأة المبكرة .

نشأ هذا الفتى الكندي في طاعة الله منذ حداثة سنه، فأحبه الله، وحبَّبه إلى خلقه .

بالمناسبة؛ إذا أردتَ أن يحبّك الناس لِمَا عندك من أخلاق وإيمان، فهذه في الحقيقة محبة الله لك, صدق القائل:

ينادى له في الكون أنا نحبه فيسمع من في الكون أمر محبنا

محبة الله تتجسد بمحبة الخلق، وإذا أبغض اللهُ الإنسانَ لانحرافه ومعصيته، ألقى بغضه في قلوب العباد، فلا أحد يحبه، أما إذا كان قوياً مُدِح في وجهه، أما العبرة فبما يُقال في غيبته، فلا تأبه، ولا تلقي بالاً، ولا تهتمّ لِمَا يقال في حضرتك، أنت أحد رجلين؛ إما أن يخافك الناس، وإما أن يرجو ما عندك، وفي الحالتين يتملقونك، ويكيلون لك المديح جزافاً، ويمدحونك بما ليس فيك، لكن الذي يُعوَّل عليه ما يُقال في غيبتك .

متى أقبل رجاء على العلم, وعمن أخذ ؟

أقبل هذا الفتى على العلم من نعومة أظفاره، فوجد العلم فؤاده غضاً طرياً خالياً، فتمكن منه، واستقر فيه .

أنت كالوعاء، وقد قيل:

أَتَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَى فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا فَتَمَكَــنَّا

الإنسان إذا طلب العلم في وقت مبكر، يكون وعاؤه فارغًا، فحينما يُلقى العلم فيه يتمكن، والعلم في الصغر كالنقش في الحجر، أما إذا امتلأ بمشاغل الدنيا، وشهواتها، وطموحاتها، فلم يعُد العلمُ يصادف محلاًّ فيه .

قال الشاعر المتنبي يتحدث عن المصائب :

رَمَانِي الدَّهْرُ بِالأَرْزَاءِ حَتَّى فُؤَادِي فِي غِشَاءٍ مِنْ نِبَــالِ

فَكُنْتُ إِذَا أَصَابَتْنِي سِهَــامٌ تَكَسَّرَتِ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالِ

لم يَعُد ثمة محلٌّ شاغر، فالقلب إذا امتلأ بمحبة الدنيا لم يبقَ شيء لمحبة الله، والله عز وجل قال في القرآن الكريم:

﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾

[سورة الأحزاب الآية: 4]

فهو قلب واحد, هذا القلب وعاء، إذا كان فارغاً مما سوى الله, امتلأ كله بمعرفة الله، وإذا كان معبَّأ إلى ثلاثة أرباعه من الدنيا لم يبق منه إلاّ الربع .

فالبطولة كما قال الله عز وجل:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية: 1-3]

وجد العلم فؤاده غضاً طرياً خالياً، فتمكن منه، واستقر فيه، وجعل همَّه الأكبر التضلعَ من كتاب الله .

أقول هذا الكلام كثيراً: فَضُل كلامِ اللهِ على خلقه كفضل الله على خلقه، وأيّ كتاب تقرأه, فمؤلِّفه بشر محدود، لكنك إذا قرأت كتاب الله عز وجل فقد قرأتَ كتاب خالق البشر .

فكان همه الأول التضلعَ من كتاب الله، والتزودَ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

تصور إنسانًا وعاؤه ممتلئ بالقرآن والسنة، هذا كيفما تكلم، وكيفما تحرك, لا ينطق إلا بالحق، ولا يتكلم إلا بالحكمة، ولا يقف إلا الموقف الكامل .

أتيح لهذا التابعي الجليل أن يأخذ عن طائفة كبيرة من جلّة علماء الصحابة, هذه الفكرة توقفنا عند حقيقة، وهي أن العلم لا يؤخذ إلا من الرجال، ولو أمكن أن يؤخذ العلم من الكتب مباشرةً, لاستغنت وزارات التربية في العالم عن ألوف ألوف المعلمين، هذه حقيقة ثابتة، اقرؤوا كتاب أصل من أصول الفقه (الموافقات للشاطبي)، في المقدمة التاسعة يقول: العلم لا يؤخذ إلا عن طريق عالم ورع متحقق، فالورع صفة نفسية، والتحقق صفة فكرية، متحقق من علمه، ورع في سلوكه، هذا هو السبيل .

أخذ عن أبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأبي أمامة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمر بن العاص، وغيرهم، فكان هؤلاء الأساتذة العلماء الأجلاء مصابيح هداية، ومشاعل عرفان، وضع هذا الفتى التابعي لنفسه دستوراً ظل يلتزمه طوال حياته، فكان يقول: ((ما أحسن الإسلام يزينه الإيمان، وما أحسن الإيمان يزينه التُّقى, وما أحسن التقى يزينه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق)) هذا منهج هذا التابعي؛ إسلام، وإيمان، وتقوى، وعلم، وعمل، ورفق .

ما هو المنصب الذي كان يشتغل به رجاء لخلفاء بني أمية, وهل نصح أولي الأمر في هذا المنصب ؟

لكن الشيء الذي يلفت النظر في سيرة هذا التابعي, هو أنه كان وزيراً لعدد كبير من خلفاء بني أمية، وقد تعجبون كيف وفَّق بين مقتضيات منصبه، وبين كونه من التابعين الأجلاء الورعين العاملين؟ وسوف ترون أنه ما مِن عمل على وجه الأرض يستعصي أنْ يكون في خدمة الحق .

كان لهذا التابعي صلة متينة بسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز, فاقت صلاته بمَن سبقه من الخلفاء، أدناه من قلوب الخلفاء رجاحةُ عقله، وصدقُ لهجته، وإخلاصُ نيته، وحكمتُه في معالجة الأمور .

أيها الأخوة الأكارم، الإنسان يوفَّق إلى أقصى درجة حينما يكون إلى جانبه من يُعِينُه على الخير، ويدُلُّه عليه، دعاء رسول الله لأمراء المسلمين: ((اللهم هيئْ لهم بطانة خير تدلهم إليه، وتعينهم عليه)) .

وأنت كإنسان حاول أن يكون لك مستشار، يدلُّك على الخير، ويعينك عليه، وإياك وبطانة السوء؛ الذين اشتروا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم .

أحياناً الإنسان يكون مدير مدرسة، عنده ثلاثون أو أربعون مدرسًا، مدير مستشفى عنده ثلاثون أو أربعون طبيبًا، ترى واحداً تقرَّب منه زيادة، خدمه زيادة، كان بجانبه، لطيف دائماً، هذا الشخص سنُسَمِّيهِ مستشارًا، سنُسَمِّيهِ من البطانة، ومن الحاشية، هناك شخص بطانة سوء, يوغر صدره دائماً على بقية الناس، يدلّه دائماً على عملٍ يؤذي المصلحة, يقول له: هذه أقوى لمركزك، فلان اعمل معه كذا، فلان تكلم عليك بغيابك كذا، فهذا الرجل من بطانة السوء.

أحياناً يكون الإنسان مدير معمل، مدير مستشفى، مدير مدرسة، رئيس دائرة صغيرة ، وحوله موظفون، هذه هي الحاشية، فاحذَرْ أن يكون أقرب الناس إليك رجلَ سوء .

سيدنا عمر بن عبد العزيز عيَّن مستشارًا عالمًا جليلاً، اسمه: عمر بن مزاحم، قال له : ((يا عمر كنْ إلى جانبي دائماً، وراقبْ ما أفعل، وانظرْ ما أقول، فإنْ رأيتني ضَللتُ, فأمسكني من تلابيبي، وهُزَّني هزًّا شديداً، وقل لي: اتَّقِ اللَّهَ يا عمر، فإنك ستموت)) .

والله لو كُشِف الغطاء لرأيت الذي ينتقدك، وينصحك، ولو كان قاسياً، لرأيتَ فضله عليك لا حدود له، فالذي ينتقدك يرفعك، والذي يمدحك بما ليس فيك يضعك، هكذا قال سيدنا عمر, قال: ((أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي)) .

وطِّن نفسَك على سماع النقد، وطِّن نفسك على سماع النصيحة، ولو كانت قاسية, لأنها تنطلق من حبٍّ، ومن حرص، ومن غيرة، ولا تعوِّد نفسك على سماع المديح، اطلب النقد، واطلب المآخذ، واطلب المثالب، واطلب السقطات، واطلب الهنات وتلافاها، فإنّك سترقى بها بسرعة، أمّا إنْ عوَّدتَ نفسك على سماع المديح والثناء, لم تَعُدْ حينئذٍ تقبل أن يذمك أحد أبداً، ولا ترضى، بل تريد تحطيمه، لأنّك تعوّدتَ على المديح، وصار بك إدمان مثل المخدرات، فوطِّن نفسك على سماع النقد، وعلى سماع النصيحة، وعلى سماع المآخذ، وبهذا ترقى .

اسمع كلام سيدنا عمر: ((أحب الناس إلي من رفع إلي عيوبي)) .

أعدائي لهم فضل عليَّ ومِنّة، فلا أعدم الله لي الأعادي، ذكروني بالعيوب فبرئت منها ، فالأبطال دائماً يصغون إلى النقد باهتمام، ويشكرون، ويثنون .

قلت لكم سابقاً: طريق القمة صعب، ومع أنه صعب فقد تصل إلى القمة؛ في عملك ، في دراستك، في تدريسك، في تجارتك، في زعامتك، في قيادتك، ولكن بعد أن تصل إلى هذه القمة, البطولة ليس أنك وصلت إليها، لكنّ البطولة أن تبقى فيها، لأن في القمة آلاف الطرق التي توصلك إلى الحضيض، فإذا كان طريق الصعود طريقًا وعرًا, فطريق النزول كله سيراميك مع صابون، لأنّ الغرور يهلكك، ورفضُ النقد يهلكُك، والاعتداد بالرأي يهلكك، لذلك البطولة أن تبقى في القمة، وهذا يحتاج إلى معارضة، وإلى نصيحة، وإلى بطانة خير تدلُك على الخير، وتعينك عليه .

فهذا التابعي وزير لخلفاء بني أمية:

أولاً: دعاهم إلى الخير ودلّهم عليه .

ثانياً: ثنّاهم عن الشر، وأوصد دونهم أبوابه .

ثالثاً: أراهم الحق، وزيّن لهم اتِّباعه، وبصّرهم بالباطل، وكره إليهم إتيانه، ونصح لله وللرسول، ولأئمة المسلمين وعامتهم .

الآن عندنا مرض يفتِّت جموع المسلمين، إنّه المجاملة، يقول لك: أعطه جَمَلَه, يقول لك: هذا الشخص إذا جلس مع شخص لا دين له, يخرج من عنده ملحدًا، إنْ جلس مع شخص له دين يخرج ولِيًّا، ترى عنده قدرة ومرونة عجيبة جداً، يتكلم بكلام يوافق الحاضرين، هذا منتهى النفاق، فمن استطاع أن يرضي الناس جميعاً فهو منافق، أليس لك اتّجاه، أم تسبح مع كل التيّارات، ما هذا الإنسان؟ ليس له اتجاه، يجامل هذا وذاك، فإن كان مع شخص من أصحاب الفكر الحر تراه صار حراً أكثر منه .

حتى إنّ أديبًا قيل له: أنت كاتب مسرحي كبير، كيف تبيع قلمك؟ كيف تبيع إنتاجك الفني إلى جهة معينة؟ فغضب وقال: أنا أبيع إنتاجي لجهة في الأرض, أنا أجرته تأجيراً، يعني لم يبع .

فالمفروض أن يكون للإنسان اتجاه، يكون عنده كلمة: (لا أوافق)، يكون عنده كلمة: (لا أرضى بهذا)، يكون عنده كلمة: (اعتراض) حتى تكون له شخصية .

علمونا بالجامعة أن أول مظهر لمظاهر ظهور شخصية الطفل الصغير: رفضه، يقول لك: لا أريد، الرفض دليل شخصية، فإذا ألغيت الرفض، ألغيتَ الشخصية، وذاب الإنسان وأصبح مائعاً، فيتشكل حينئذٍ في أيِّ إناء .

إليكم هذه القصة التي يرويها لنا رجاء حدثت معه :

له قصة مع سليمان بن عبد الملك، يرويها ويقول: ((إني لواقف مع سليمان بن عبد الملك في جموع من الناس، إذ رأيت رجلاً يتجه نحونا وسط الزحام، وكان حسنَ الصورة، جليلَ الهيئة، فما زال يشق الصفوفَ، وأنا ما أشكُّ أنَّه يروم الخليفة حتى حاذاني .

هو ظن أن الرجل الوقور يتَّجه نحو الخليفة، فإذا به يتّجه نحوي، ثم وقف إلى جانبي وحيَّاني، وقال: يا رجاء, إنك قد ابتليت بهذا الرجل، وأشار إلى الخليفة، وإنّ في القرب منه؛ الخير الكثير والشر الكثير، فاجعل قربَك منه خيراً لك وله وللناس، واعلمْ يا رجاء أنه مَن كانت له منزلة من السلطان, فرفع إليه حاجة امرئ ضعيف لا يستطيع رفعها, لقِيَ الله جل وعز يوم يلقاه, وقد ثبَّتَ قدمَيْه للحساب .

-أحياناً يكون للرجل صديق وهو مدير عام مؤسسة، إنسان بمنصب حساس، هذه العلاقة أنت مُحاسب عنها يوم القيامة، يا ترى هل يوجد رجل مظلوم له مشكلة عند هذا الرجل العظيم، وأنت صديقه؟ إذا كانت هناك فائدة تجنيها من هذه العلاقة, أنْ تنقل لهذا الإنسان الذي بيده الأمر ظُلامة ممَّن لا يستطيع نقلها إليه, ليس هناك مَن لا أصحاب له، ولا أصدقاء له، أو قرابات، أنت تعرف أناس مظلومين، والعلماء ما كانوا يجيزون لأنفسهم التقرُّب مِنَ الأمراء, إلا من أجل رفع ظلامات المسلمين إليهم .

إذا كان لك علاقة مع إنسان قوي، إنسان بيده الأمر، فهذه العلاقة يجب أن توظفها في سبيل إنصاف المظلومين، لا أن تحدثه بعلاقات ومودات وسهرات فقط, من أجل أن تشعر بالأمن، أنا فلان صديقي، تشعر أنه لا أحد يقترب منك، أنت لم تستغلَّ هذه العلاقة في خدمة المسلمين، ولم توظفها لخدمة الحق، إنما استخدمتها لتوهِمَ نفسَك أنك في أمن، فلان صاحبك، معك رقم هاتفه، وقال لك: أخبرْني أيَّة ساعة تريد- .

قال له: واذكر يا رجاء أنه مَن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته، واعلم يا رجاء أنّ مِن أحبِّ الأعمال إلى الله عز وجل, إدخالَ الفرح على قلب امرئ مسلم .

-مرةً قال لي طبيب كلمة كَبُر بها في نظري كثيراً، قال: أنا ذقتُ كل ملاذ الدنيا، لكن حينما أجري عملية ناجحة لإنسان، ويشعر أنها نجحت، ويبتسم، أشعر بسعادة لا توصف .

العظماء لا يسعدهم إلا أن يسعد الناس بهم، أما الصغراء فما دام بيتُهم فيه كل شيء، وطعامهم جيد، وأموالهم كثيرة، فعلى الدنيا السلام، لكنَّ عظماء الناس يسعدون بإسعاد الآخرين ، ويسعدون إذا رأوا البسمة على قلوب الناس .

زرت أخًا من أخواننا الكرام، معه مرض عضال، ورأيت أولاده في كآبة، هذا الأخ الكريم تلقى هاتفًا من إنسان, قال له: غداً قابل الطبيب الفلاني، والعملية حسابُها مغطَّى، لم يعرف إلى الآن مَن أخبره، ذهب إلى الطبيب، وقال له: العملية جاهزة متى تحب, قال: بعد يومين، زرته بعد حين, فرأيت أولاده يقفزون من الفرح، قلت: هذا الذي دفع ثلاثمائة ألف أدخل الفرح على هذه الأسرة، أليس ذلك أفضل من أن يعمل عرسًا في فندق، ثم يدفع عشرين مليونًا؟ لا أحد يعرف مِن أين السعادة؟ السعادة بإسعاد الناس، أنْ تعيش في قلوبهم، أن ترى البسمة على أفواه الصغار, لذلك كلمة لا أنساها أبداً، إذا أردت أن تعرف مقامك, فانظر فيما استعملك .

هناك إنسان كله خيرات، كله معونة، هناك شخص بنى نفسه على أنقاض الناس، وعلى أخذِ ما في أيديهم، وعلى بثِّ الرعب في قلوبهم، هذا أشقى إنسان، فإذا أردت أن تعرف مقامك, فانظر فيما استعملك، وفيما وظفك اللهُ عنده- .

قال: واذكر يا رجاء أن من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته, واعلم يا رجاء أم من أحب الأعمال الى الله؛ إدخال الفرح على قلب امرئ مسلم, وفيما كنت أتأمل كلامه, وأترقب أن يزيدني منه, نادى الخليفة قائلاً: أين رجاء بن حيوة؟ فانعطفت نحوه وقلت: ها أنذا يا أمير المؤمنين, فسألني عن شيء؛ فما كدت أفرغ من جوابه, حتى التفت إلى صاحبي فلم أجده, فنفضت المكان عنه نفضاً, فلم أقع له على أثر بين الناس)) .

أخواننا الكرام، وفي الحديث: ((عدل يوم واحد أفضل من عبادة ستين سنة)) .

لا تكنْ إنسانًا يسبِّب الشر لإنسان، اجمع وقَرِّبْ بين الناس، والتمسْ لهم العذر، ودافعْ عنهم, يرضَ عنك الله، ولا تَبْنِ مجدَك على أنقاض الآخرين، أشخاص كثر يرتفعون على أنقاض أناس آخرين، فيحطِّم إ

غير معروف

تاريخ الاضافة: 20-01-2011 08:53

الزوار: 2092

طباعة


التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
اضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
3 + 9 = أدخل الكود
روابط ذات صلة
روابط ذات صلة
القصة السابقة
القصص المتشابهة القصة التالية

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

wewe