23- قصة الوليد بن المغيرة المخزومي
** هو الوليد بن المغيرة المخزومي , وكان يسمى الوحيد في قومه و كان يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير , وأعطاه الله تعالى مالا ممدودا وهو ما كان للوليد بين مكة والطائف من الإبل والحجور والنعم والجنان والعبيد والجواري , وأعطاه الله تعالى الولد الكثير وعددهم ثلاثة عشر, وكان الوليد يقول إن كان محمد صادقا فما خلقت الجنة إلا لي فقال الله تعالى ردا عليه وتكذيبا له كلا أي لست أزيده فلم يزل يرى النقصان في ماله وولده حتى هلك , وأنه كان يقول إن محمدا مبتور وينقطع ذكره بموته وكان يظن أن ما رزق لا ينقطع بموته ,وكان معاندا للنبي صلى الله عليه وسلم , وتوعده الله تعالى بالعذاب يوم القيامة .
ولما نزل (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم إلى قوله إليه المصير) سمع الوليد النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها فقال والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه وما يقول هذا بشر فقالت قريش صبأ الوليد لتصبون قريش كلها وكان يقال للوليد ريحانة قريش فقال أبو جهل أنا أكفيكموه فمضى إليه حزينا فقال له مالي أراك حزينا فقال له ومالي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد وتدخل على بن أبي كبشة وبن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما فغضب الوليد وتكبر وقال أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه فأنتم تعرفون قدر مالي واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك وإنما أنتم تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه قط يخنق قالوا لا والله قال وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه نطق بشعر قط قالوا لا والله , قال فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط ولقد رأينا للكهنة أسجاعا وتخالجا فهل رأيتموه كذلك قالوا لا والله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي الصادق الأمين من كثرة صدقه فقالت قريش للوليد فما هو ففكر في نفسه ثم نظر ثم عبس فقال ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه , لما حمل قريشا على ما حملهم عليه من القول في محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر مر على جماعة من المسلمين فدعوه إلى الإسلام فعبس في وجوههم و كلح وجهه وتغير لونه ثم ولى وأعرض ذاهبا إلى أهله وتعظم عن أن يؤمن يقول الله تعالى في الوليد أنه سيدخله جهنم؛ كي يصلى حرَّها ويحترق بنارها فهي لا تبقي لحمًا ولا تترك عظمًا إلا أحرقته, مغيِّرة للبشرة, مسوِّدة للجلود, محرقة لها, يلي أمرها ويتسلط على أهلها بالعذاب تسعة عشر ملكًا من الزبانية الأشداء.
تفسير القرطبي والتفسير الميسر
قال تعالى :
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً{11} وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً{12} وَبَنِينَ شُهُوداً{13} وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً{14} ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ{15} كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً{16} سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً{17} إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ{18} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{19} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ{20} ثُمَّ نَظَرَ{21} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ{22} ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ{23} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ{24} إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ{25} سَأُصْلِيهِ سَقَرَ{26} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ{27} لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ{28} لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ{29} عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ{30}المدثر