|
الرئيس الراحل خلال المحاكمة |
الدجيل - بالرغم من أن التهمة التي أودت بحياة الرئيس العراقي صدام حسين على منصة الإعدام في ديسمبر 2006 هي أمره بقتل 148 شيعيا في بلدة الدجيل عام 1982، فإن بعض أهالي البلدة الواقعة على نهر دجلة يقولون اليوم إنهم يفتقدون العيش في ظل صدام، فالحياة في عهده كانت "أفضل مليون مرة مما نعانيه الآن".
وبالنسبة للبعض في الدجيل يبدو أن الفزع الذي عاشوه خلال السنوات الخمس الماضية يفوق الفظائع التي قالوا إنها ارتكبت عام 1982.
وحتى بعض أولئك الذين قتل أو سجن أقارب لهم خلال حكم صدام بدوا في "حنين" لفكرة وجود زعيم قوي مثله لينقذهم من الحرمان ودوامة الفوضى وحمام الدماء المتدفق منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.
ويعبر عن هذه الحال سعد مخلف (شيعي) قائلا: "إذا عاد شخص مثل صدام فلن أؤيده فحسب بل سأدعوه إلى العشاء، عمي قتل عام 1982 في حادث الدجيل، ومع ذلك فإن الحياة آنذاك كانت أفضل مليون مرة من الآن".
ويعكس الحنين إلى الرئيس الراحل في البلدة، ذات الأغلبية الشيعية، إحساسا بالإحباط في أنحاء البلاد رغم تراجع أعمال العنف.
ويقول مسئولون عسكريون أمريكيون إن العنف سجل أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام، لكن جماعات مسلحة صعدت من هجماتها خلال شهر رمضان الماضي، وما تزال البلاد تعاني من نقص مزمن في المياه والطاقة والخدمات الأساسية الأخرى.
"ألف مرة"
ويقول محمد مهدي، وهو شيعي سجن أحد أقاربه عام 1982، وقتل شقيقه في انفجار سيارة ملغومة الشهر الماضي: "نوري المالكي (رئيس الوزراء الحالي - شيعي) يجلس في المنطقة الخضراء (المحصنة ببغداد).. ماذا يفعل لحمايتنا؟ ما هي الجدوى من هذه الحكومة؟!".
ويضيف مهدي: "صدام هو القائد النبيل الوحيد الذي حكمنا"، وصرخ قائلا على مسمع من القوات الأمريكية التي ترافق الصحفيين الذين يزورون البلدة: "رحم الله صدام ألف مرة".
وردد آخرون آراء مهدي ومخلف إذ تحدثت وكالة "رويترز" للأنباء مع نحو 15 من المارة وأصحاب المتاجر في طريق الدجيل السريع.
وبينما هم عائدون إلى منازلهم من المدرسة يردد فتيان: "بعد صدام جاء المدمرون"، بينما شكا رجال من نقص الكهرباء والمياه النظيفة والأموال اللازمة لشراء المستلزمات المدرسية.
ويقول أحمد علي أحمد (14 عاما): "صدام لم يقتل أحدا دون سبب.. الآن هذه القنابل تهاجم الجميع، الجميع يقول ذلك، سنيا كان أم شيعيا، الحياة كانت أفضل في عهد صدام".
فقط.. لأنهم غاضبون
غير أن بعض السكان يرون أن هذه التصريحات لا تعبر بالضرورة عن إعجاب بصدام الذي "قمع بلا رحمة الشيعة والأكراد وكل من يرتبط ولو بعلاقة غير واضحة بمن عارضوه، إضافة إلى خوضه حربا مدمرة مع إيران في الثمانينيات أودت بحياة مليون شخص من الجانبين"، بحسب قولهم.
ويعلق حسين ياسين، وهو مترجم في الجيش الأمريكي، على تصريحات من يترحمون على أيام صدام قائلا: "يتحدثون على هذا النحو لأنهم غاضبون.. الناس هنا لم تر حياتهم تتحسن.. لا يمكنني مطلقا القول إن زمن صدام أفضل حتى لو كنا نعيش في الجحيم.. أفراد من عائلتي قتلوا عام 1982".
وبالنسبة لسيف الزبيدي، الذي قتل 10 من أفراد أسرته في نفس العام، فإن حياته "تحسنت منذ سقوط صدام"، فعمله "يسير بشكل جيد"، وأسرته التي عارضت صدام "لم تعد مضطهدة".
ويقول أحمد القيسي، محافظ صلاح الدين، في احتفال بقاعدة عسكرية أمريكية بمناسبة بدء مبادرة لتدريب العاطلين العراقيين: "لكل شخص رأيه الخاص، فهم إما يتعصبون لصدام حسين أو العكس".
أما مثنى إبراهيم، سكرتير القيسي والمتحدث باسمه، فيرى أن القائمين على أمر المحافظة "لم يحققوا شيئا أفضل مما فعله صدام"، معتبرا أن "أفضل شيء في عهد صدام كان الأمن، وهو مفتقد الآن".
الدجيل "أرحم"
وبحسب الروايات فإن أحداث الدجيل وقعت عندما نجا صدام من محاولة اغتيال بينما كان موكبه يمر في البلدة عام 1982، ليأمر قادته بتعقب وتعذيب عدد كبير من سكان البلدة.
وتتردد مزاعم عن أن نساء وأطفالا أرسلوا لاحقا إلى معسكر اعتقال صحراوي، حيث اختفى الكثيرون منهم، ودمرت الأرض الزراعية في البلدة.
وفقد أحمد جواد، وهو شرطي لديه أقارب من السنة والشيعة، 27 من أفراد عشيرته، بينهم عم له، في أحداث الدجيل، لكنه أيضا يشعر بالحنين لعهد صدام، قائلا: كان بوسعنا من قبل زيارة أي محافظة، أما الآن فيمكن أن تُقتل لو حاولت ذلك".
وعندما سئل إذا ما كان يريد أن يعود شخص مثل صدام أجاب: "أتمنى.. هل يوجد قائد يستطيع توفير الأمن؟ أتمنى". |