ويحرص الكثيرون في ليلة النصف من شعبان على ترديد هذا الدعاء: "اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا على في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات كلها، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل وعلى لسان نبيك المرسل: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [الرعد : 39]".
وعلق الدكتور القرضاوي على نص الدعاء قائلا: "في هذا الكلام نرى تناقضا واضحا، ففي أوله يقول: إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما، فامح هذا وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات؛ لأنك قلت (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فمعنى الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات، فكيف يطالب بالمحو والإثبات في أم الكتاب".
واعتبر القرضاوي أن "هذا الكلام ينافي ما جاء في أدب الدعاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إذا سألتم الله فاجزموا في المسألة، لا يقل أحدكم: يا رب اغفر لي إن شئت، أو ارحمني إن شئت، فإن الله لا مكره له، بل ينبغي أن يقول: اغفر لي، ارحمني، ارزقني.. بالجزم واليقين".
وتابع قائلا: "هذا يدلنا على أن الأدعية التي يضعها البشر ويخترعونها كثيرا ما تكون قاصرة عن أداء المعنى، بل قد تكون محرفة ومغلوطة ومتناقضة، إنه ليس أفضل مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية مأثورة؛ لأن ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم يترتب عليه أجران: أجر الاتباع، وأجر الذكر".
"لم يرد"
وفي الإطار ذاته قال: إن "معظم ما يفعل في ليلة النصف من شعبان من أشياء ليس واردا، ولا صحيحا ولا من السنة في شيء".
وأشار القرضاوي إلى أن "التجمع بالصورة التي نراها ونسمع عنها في هذه الليلة في بعض بلاد الإسلام مبتدع ومحدث"، ويحيي كثير من المسلمين ليلة النصف من شعبان باحتفالات وتجمعات معينة.
كما انتقد الدكتور القرضاوي ما يفعل ببعض الدول العربية، حيث يصوم البعض ثلاثة أشهر، (رجب، شعبان، رمضان) والأيام الستة من شوال، التي يسمونها (البيض)، مبينا أن هذا الفعل لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
لكنه أشار إلى أنه: "ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يكثر من الصوم في شهر شعبان"، معتبرا ذلك نوعا من التهيؤ والاستعداد لاستقبال رمضان.