|
الجامع الكبير بالجزائر العاصمة | الجزائر - {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[التوبة:18].. بينما تحث الآية الكريمة المسلمين على إعمار بيوت الله بالصلاة والطاعات، لم يكتف الجزائريون خلال شهر رمضان المعظم بإعمار المساجد فقط، وإنما عمروا بشبابهم وشيبهم الشوارع المحيطة بأكثر من 15 ألف مسجد على امتداد البلاد.
فقد فاضت مساجد الجزائر بروادها في الجماعات والتراويح منذ بداية الشهر الفضيل، مما اضطر معظم المصلين إلى الصلاة في الساحات والشوارع المجاورة للمساجد رغم التوسعات التي قام بها بعضها استعدادا لاستقبال شهر رمضان.
وبحسب مراسل "إسلام أون لاين.نت" يتكرر هذا المشهد بشكل خاص في المناطق والتجمعات الحضرية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وكذلك في المساجد التي اشتهرت بأئمتها المتميزين في تلاوة القرآن الكريم.
شوارع عامرة!
ومن يتجول في بعض مساجد العاصمة الجزائرية في الأيام الأولى من شهر رمضان يفاجأ بحجم الإقبال الذي فاق كل التكهنات، إذ أضحى من الصعب إيجاد مكان شاغر داخل المسجد، خاصة في صلاة الجمعة والتراويح.
وقبيل رفع أذان صلاة الجمعة الأولى بشهر رمضان بمسجد "عبد الله بن مسعود" بحي النسيم، يمكنك أن تجد أعدادًا من المصلين يعودون أدراجهم، بعد أن فقدوا الأمل في إيجاد مكان داخل المسجد يصلون فيه، وهو ما أجبرهم كذلك على أداء فريضة الجمعة في أحد الشوارع المجاورة للمسجد.
الحاج "عُمر" أحد القائمين على شئون مسجد "ابن مسعود" علق على المشهد قائلا: "كنا نظن أن القاعة الجديدة التي دُشنت مع بداية الشهر الفضيل وكذا الطابق العلوي، بإمكانهما استيعاب جميع المصلين، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، مما جعلنا في حالة استنفار قصوى لتوفير أكبر عدد من الفُـرُش لمن سيصلون خارج المسجد".
ولم يختلف الأمر بمسجد "عمر بن الخطاب" المعروف باسم "بلاطو" والكائن بأعالي شارع ديدوش مراد، فقبل دقائق من صلاة العشاء امتلأ المسجد عن آخره، ليجد باقي المصلين أنفسهم مضطرين لأداء الصلاة بالساحة المجاورة للمسجد أو على الطريق المؤدي إليه.
أما مسجد "الرحمة" بوسط العاصمة الجزائرية فلا يقتصر تدفق المصلين عليه في صلاتي التراويح والجُمع فقط، بل أصبح مكتظا برواده في جميع الصلوات منذ بداية شهر رمضان المبارك.
وخلال صلاة الظهر، اضطر المصلون الذين أتوا بعد امتلاء المسجد إلى الانتظار حتى يفرغ إخوانهم من الصلاة ويخرجوا ليتمكنوا هم من أداء الصلاة في جماعة ثانية.
"أمة بخير"
ورغم العناء الذي يواجهونه لتأدية الصلوات في المساجد المزدحمة بروادها خلال شهر رمضان المبارك، فقد اعتبر المصلون هذه الظاهرة دليلا على بقاء الخير في الأمة.
سمير من رواد مسجد "الرحمة" أكد ذلك لإسلام أون لاين.نت بقوله: "الإقبال الكبير للناس على بيوت الله دليل دامغ على أن الأمة لا زالت بخير، رغم ما يشهده هذا الزمن من كثرة الفتن وتنوعها واختلاط الحابل بالنابل، لكن ما أتمناه حقا هو أن تبقى المساجد عامرة بعد انقضاء شهر الصيام".
"أمر يبعث على الارتياح" هذا ما وصف به الحاج "عليّ" من رواد مسجد "عمر بن الخطاب" كثرة تردد الناس على بيوت الله في رمضان.
واستطرد المصلّي الذي تخطى العقد الخامس من عمره: "أما ما يفرح فعلا فهو أن غالبية المترددين على المساجد من فئة الشباب، الأمر الذي يجنب أبناءنا الارتماء في أحضان الرذيلة والآفات الاجتماعية التي عمت بها البلوى في الأعوام الأخيرة".
جهود الاحتواء
وأمام الظاهرة التي ميزت مساجد الجزائر في الشهر الفضيل، عمدت اللجان الدينية بعدة مساجد إلى شراء أراض مجاورة وبناء توسعات جديدة لاحتواء الأعداد الكبيرة من المصلين.
وفي حين يبلغ عدد مساجد الجزائر أكثر من 15 ألف مسجد يقوم على معظمها أئمة تابعون لوزارة الشئون الدينية والأوقاف (بحسب تقديرات رسمية)، تواجه عملية بناء مساجد جديدة في الجزائر الكثير من الصعوبات بسبب نقص الموارد المادية.
وتخصص الدولة ميزانية ضئيلة لقطاع الشئون الدينية والأوقاف مقارنة بباقي القطاعات، ولا زالت العديد من بيوت الله في طور الإنشاء رغم انقضاء سنوات عديدة على بداية العمل في بنائها، بحسب مراسل إسلام أون لاين. |