2leep.com

التابعي سعيد بن المسيب

عرض القصة

 

  الصفحة الرئيسية » ركـــن القـصــص » سير التابعين - لدكتور محمد راتب النابلسي

اسم : التابعي سعيد بن المسيب
كاتب :

سير- التابعين الأجلاء- رقم الدرس 12|20: ( التابعي سعيد بن المسيب)- لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .بتاريخ


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

لماذا عزم عبد الملك بن مروان بالذهاب إلى بلاد الحرم, وما الذي أعجبه في تلك البلاد ؟

أيها الأخوة المؤمنون, مع الدرس الثاني عشر من دروس سير التابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، والتابعي اليوم هو سعيد بن المسيِّب، وهذا الاسم كما تعلمون مطروقٌ في التاريخ, ومطروقٌ في الصدر الأول من الإسلام .

عَقَدَ أميرُ المؤمنين عبد الملك بن مروان العزمَ على حجِّ بيت الله الحرام، وزيارة ثاني الحرمين الشريفين، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أقبل ذو القعدة زمَّ الخليفةُ العظيمة ركائبه، وتوجّه إلى أرض الحجاز, يصحبه السادة الأماجد من أمراء بني أمية, وصحبه أيضاً نفرٌ من كبار رجال الدولة وبعض أولاده، ومضى الركبُ في طريقه من دمشق إلى المدينة المنورة، من غير توقفٍ ولا عجل، فكانوا كلما نزلوا منزلاً نُصِبَتْ لهم الخيام، وفُرِشَتْ لهم الفُرُش، وعُقِدَتْ لهم مجالس العلم والتذكرة، ليزدادوا تفقهاً في الدين، ويتعهدوا قلوبهم ونفوسهم بالحكمة والموعظة الحسنة .

فإذا أزمع الإنسانُ الحج لا بد له من تطهير النية، ولا بد من التوبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا حج الرجل بمال من غير حله, فقال: لبَّيك اللهم لبّيك، قال الله: لا لبّيك ولا سعديك، هذا مردود عليك )) .

ذكرت اليوم العبادات الأربع؛ الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، هذه العبادات الشعائرية، لا معنى لها إطلاقاً، ولا جدوى منها، ولا فائدة منها, إنْ لم تقُم على أساس العبادات التعاملية، والدليل:

أمّا الصلاة فقد قال تعالى:

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾

[سورة العنكبوت الآية: 45]

أخرج ابن أبي حاتم عن عمران بن حصين رضي الله عنه, قال: ((سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر، فقال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له)) هل للصلاة قيمة من دون استقامة؟ .

أمّا دليلُ الصيام فقال عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾

[سورة البقرة الآية: 183]

النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))

[أخرجه البخاري في الصحيح عن أبي هريرة]

هل له قيمة الصيام؟ .

والحج, قال سبحانه:

﴿ولله على الناس حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية: 97]

((إذا حج الرجل بمال من غير حله, فقال: لبَّيك اللهم لبّيك، قال الله: لا لبّيك ولا سعديك ، هذا مردود عليك)) .

والزكاة, قال تعالى:

﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

[سورة التوبة الآية: 103]

آية ثانية, من يذكر آية تؤكد أن الإنفاق لا قيمة له, قال تعالى:

﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾

[سورة التوبة الآية: 53]

فلا الصلاة، ولا الحج، ولا الزكاة تنفع وتجدي وتثمر، إن لم تُبْنَ هذه العبادات على العبادات التعاملي، سيدنا جعفر حينما سُئل عن الإسلام، قال: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَتْ: ((لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ؟ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ, فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ, فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ, كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ, وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ, وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ, وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ, وَنُسِيءُ الْجِوَارَ, يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ, فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ, حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا, نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ, فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ, وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ, وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ, وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ, وَصِلَةِ الرَّحِمِ, وَحُسْنِ الْجِوَارِ, وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ, وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ, وَقَوْلِ الزُّورِ, وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ, وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ, وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا, وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ, وَالزَّكَاةِ, وَالصِّيَامِ, قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ, فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ, فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا, وَحَرَّمْنـَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنـَا, وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا, فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ, وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ))

[أخرجه أحمد في المسند]

بماذا عرَّف سيدنا جعفر الإسلام؟ بالأخلاق، بالسلوك، هذه أربع عبادات؛ صوم ، صلاة ، حج، زكاة، من دون استقامة لا معنى لها، لذلك تعجب أن في العالم الآن مليارًا ومائتي مليون مسلم، وليست كلمتهم هي العليا، لا أقول: هي سفلى، ولكن ليست هي العليا، ولا يشكِّلون وزناً في العالم، لأن الإسلام ليس صلاةً، وصياماً، وحجاً، وزكاةً، وعندنا دليل أقوى: ((بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, وَإِقَامِ الصَّلَاةِ, وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ, وَالْحَجِّ, وَصَوْمِ رَمَضَانَ)) .

هل هذه الخمس هي الإسلام؟ بناء ثلاثين طابق مبني على خمسة دعائم، فهل الدعائم هي البناء؟ لا، فهذا البناء بني على هذه الدعائم: ((بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, وَإِقَامِ الصَّلَاةِ, وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ, وَالْحَجِّ, وَصَوْمِ رَمَضَانَ)) .

هذه حقائق أساسية، وفّروا أوقاتكم، الدين كله أخلاق، الدين كله صدق، الدين كله أمانة ، الدين كله وفاء، وإخلاص، وبذل، وعطاء، وتضحية .

ولما بلغ الخليفةُ المدينة المنورة أمَّ حرمها الشريف، وتشرَّف بالسلام على ساكنها محمدٍ عليه الصلاة والسلام، وسعِد بالصلاة في الروضة المطهرة الغرَّاء، فذاق من برد الراحة ، وسلام النفس ما لم يذق مثلهما من قبل، وعزَم أنْ يطيل إقامته في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ما وجد إلى ذلك سبيلاً، وكان من أشد ما استأثر باهتمامه في المدينة المنوَّرة حلقاتُ العلم .

أخواننا الكرام, هذه البلدة أينما ذهبت لن تجد مثلها في دروس العلم، فمن فضل الله؛ أن الله حبَا هذه البلدة بهذه المجالس، والناس مقبلون عليها إقبالاً شديداً، يقول مؤلف الكتاب: إنه من أشد ما استأثر باهتمام الخليفة عبد الملك بن مروان في المدينة حلقات العلم، التي كانت تعمر المسجد النبوي الشريف، فأداء الصلوات يمكن أن يكون في أيِّ مكان، فأقل مهمة للمسجد أن تقام فيه الصلوات، ولكن أخطر مهمة أن يكون منارًا للهدى، ومركز إشعاع، ومركزًا هداية، ومكانَ تعليم وتوجيه، ومكان تدقيق وبثّ المواقف، فالمسجد له رسالة خطيرة، غير أنّ في عصور الانحطاط فُرِّغَ المسجد من مضمونه، وبقي لأداء الصلوات، والآن أنا أتمنى وأرجو أن تعود للمسجد رسالته العظمى .

تألَّق في هذه المجالس العلماء الأفذاذ من كبار التابعين، كما تتألق النجوم الزُهر في كبد السماء، فهذه حلقة عروة بن الزبير، وتلك حلقة سعيد بن المسيِّب، وهناك حلقة عبد الله بن عُتبة .

ما هو الأمر الذي نادى عبد الملك حاجبه عليه, وهل حقق عبد الملك مراده في هذا الأمر ؟

فذات يوم صحا الخليفة من قيلولته، في وقتٍ كان لا يصحو فيه عادةً، فنادى حاجبه، وقال: ((يا ميسرة، فقال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: امضِ إلى مسجد رسول الله، وادعُ لنا أحد العلماء ليحدَّثنا، فمضى ميسرة إلى المسجد النبوي الشريف، وأجال النظر فيه، فلم يرَ غير حلقةٍ واحدة، توسَّطها شيخٌ نيَّف على الستين من عمره، في بساطة العلماء، وعليه هيبتهم ووقارهم، فوقف غير بعيدٍ من الحلقة، وأشار للشيخ بإصبعه، فلم يلتفت الشيخ إليه، ولم يأبَهْ له ، فاقترب منه، وقال: ألم ترَ أني أشير إليك؟ .

قال: إليّ أنا .

قال: نعم .

قال: وما حاجتك؟ .

قال: استيقظ أمير المؤمنين، وقال: امضِ إلى المسجد، وانظر هل ترى أحدًا من حُدَّاثي فائتن به؟ .

فقال له الشيخ: ما أنا من حدّاثه .

فقال له ميسرة: ولكنه يبغي محدثاً يحدّثه .

فقال الشيخ: إنَّ من يبغي شيئاً يأتي إليه .

-هذا يذكرني بهارون الرشيد حينما قدم المدينة، والقصة نفسها، قال: ((ائتوني بأحد علماء المدينة ليعظني، فجاؤوا الإمام مالك، فلما دُعِيَ إليه, قال لهم: قولوا لهارون: العلمُ يُؤتَى ولا يأتي)) هذه قاعدة .

هذه القاعدة، أنا أرجو الله سبحانه وتعالى أن تتخلَّقوا بها، لك حاجة عند أخ، تتصل به, تعالَ إليَّ، ما هذه تعالَ إليَّ؟ ما دمت بحاجةٍ إليه فعليك أن تأتيه، ودائماً المقصود يؤتى، والقاصد يأتي، والمطلوب يؤتى، والطالب يأتي، هذه قاعدة، فمن خالفها فقد أساء- .

قال له: إن من يبغي شيئاً يأتي إليه، وإن في حلقة المسجد متسعاً له إذا كان راغباً في ذلك، -لك رغبة أهلاً وسهلاً، لكن هذه العزة لا تكون إلا بالاستقامة، ومن دون استقامة تقع في خوف، لا يمكن لإنسان يشرك إلا ويقذف الله في قلبه الخوف، ذكرت اليوم قانون التيسير، وقد تعرفونه, قال تعالى:

﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾

[سورة الليل الآية: 5-6]

أمّا التعسير, قال تعالى:

﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾

[سورة الليل الآية: 8- 10]

وقانون العزة, قال تعالى:

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾

[سورة يونس الآية: 26]

أحسن وارفع رأسك، إن أسأت فعليك أن تحمي رأسك، إن أسأت يستطيع أي إنسانٍ أن ينالك بسوء .

هناك قانون ثالث؛ قانون الخوف، في اللحظة التي تشرك فيها يقذف الله في قلبك الخوف، والدليل:

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾

[سورة آل عمران الآية: 151]

هذه الباء للسببية, قال تعالى:

﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾

[سورة آل عمران الآية: 151]

لِمَ لَمْ يخف هذا الشيخ؟ أغلبُ الظن أنه موحِّد، وأغلب الظن أنه مستقيم، فلا داعي أن يخاف، ولا أن ينافق- .

قال: إن في حلقة المسجد متسعاً له إذا كان راغباً في ذلك، والحديث يؤتى إليه، ولكنه لا يأتي .

فعاد الحاجب أدراجه، وقال للخليفة: ما وجدت أحداً في المسجد غير شيخٍ أشرتُ إليه فلمْ يقمْ، -فدائماً أتباعُ السلطان لهم شعور بالفوقية- قال له: أشرت إليه فلم يقم، فدنوت منه، وقلت: إن أمير المؤمنين استيقظ في هذا الوقت، وقال لي: انظر هل ترى أحداً من حداثي في المسجد فادعه لي؟ فقال لي في هدوء وحزم: إنني لست من حدّاثه، وإن في حلقة المسجد متسعاً إذا كان راغباً في الحديث .

فتنهد عبد الملك بن مروان، وهبَّ قائماً، واتجه إلى داخل المنزل، وهو يقول: ذلك سعيد بن المسيب, -عرفه من كرامته، وعرفه من مواقفه- ليتك لم تأته، ولم تكلمه)) أنا ما أردت هذا، هذا لا يأتي .

إليكم هذه القصة التي وردت عن ابن المسيب :

فلما ابتعد عن المجلس، وصار في الداخل، التفت أصغرُ أولاد عبد الملك إلى أخٍ له أكبر منه، وقال: ((مَن هذا الذي يمتنع على أمير المؤمنين، ويستكبر عن المثول بين يديه وحضور مجلسه، وقد دانت له الدنيا، وخضعت لهيبته ملوك الروم؟ .

فقال الأخ الأكبر: ذاك الذي خطب أمير المؤمنين ابنته لأخيك الوليد، فأبى أن يزوجها منه .

فقال الأخ الأصغر: أبى أن يزوجها من الوليد بن عبد الملك؟‍ وهل كان يروم لها بعلاً أسمى من ولي عهد أمير المؤمنين؟ .

-هذه هي القصة، والعجب كيف أن هذا التابعي الجليل خطبت ابنته لولي عهد المسلمين، لابن أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، الذي بنى الجامع الأموي، وهذا التابعي الجليل أبى أن يزوجه إيَّاها؟- هل كان يروم لها بعلاً أسمى من ولي عهد أمير المؤمنين, وخليفة المسلمين من بعده؟! فسكت الأخ الأكبر، ولم يجبه بشيء .

فقال الأخ الأصغر: إذا كان قد ضَنّ

غير معروف

تاريخ الاضافة: 20-01-2011 08:58

الزوار: 1316

طباعة


التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
اضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
1 + 2 = أدخل الكود
روابط ذات صلة

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

wewe