2leep.com

في القرن الـ21.. غزة تستقبل رمضان بأفران الطين

عرض الخبر
في القرن الـ21.. غزة تستقبل رمضان بأفران الطين
865 زائر
14-08-2008 07:15
غير معروف

علا عطا الله

غزة - كمن يتعثر بكنز سمين تلتقط أم أنس أعواد القش وأوراق الشجر.. تُهلل فرحا عندما يأيتها صغارها بأكوام من الحطب والخشب.

في ركن بعيد بساحة منزلها تبدأ في وضع اللمسات الأخيرة على صناعة فرن من الطين، وعلى مقربة منه خبأت ما جنته يداها ويد صغارها.

بهذا المشهد تستعد أم أنس لاستقبال شهر رمضان لعام 1429 هـ الذي يهل على قطاع غزة والحصار الخانق المفروض عليه منذ أكثر من عام يزداد وجعا وألما

نساء المدينة الجريحة سارعن إلى مصافحة الماضي واللجوء للأساليب البدائية قبل أن يطرق رمضان الأبواب.

بنبرات التعب تحدثت أم أنس لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "نفد غاز الطهي.. وتعبئة الأسطوانة الفارغة بات حلما مستحيلا.. زوجي يصطف في طابور طويل على أبواب محطات الوقود ولا فائدة"، وتستدرك متسائلة بحزن: "هل سنبقى ننتظر؟! لم يكن من حل أمامي سوى هذا".

أين الفانوس؟!

جارتها أم خالد (أم لثمانية أطفال) لجأت هي الأخرى إلى فرن الطين، وبشيء من الحيرة قالت: "ما تخيلت يوما أنني سأستخدمه.. ولكن للضرورة أحكاما، ورمضان شهر الخير".

بالطهي على نار الحطب والخبز في أفران الطين تستقبل غزة شهر رمضان المقبل بعد أيام في ظل حصار خانق شل كافة مناحي الحياة وشوه تفاصيلها.

المحلات التجارية كانت دوما تتزين لاستقبال رمضان قبل قدومه بأسابيع، لكنها هذا العام ارتدت الصمت، ووحده الغبار ملأ رفوفها.

التاجر إبراهيم حمادة اشتكى لـ"إسلام أون لاين.نت" ندرة البضائع: "أصناف كثيرة ستغيب هذا الشهر.. أجبان وألبان وتمور.. الحركة التجارية مشلولة".

وتبدي أم رائد مهنا أسفها لغياب مظاهر رمضان: "كانت الشوارع تمتلئ بالحلوى والتمور والأطعمة الخاصة بهذا الشهر.. الآن لا شيء أمامنا".

ويتذمر الحاج أبو حيدر السقا من قسوة الحصار ولسعاته المنهمرة على أجواء رمضان: "الأسواق خالية وكذلك الجيوب.. الموجود أسعاره نار (مرتفعة للغاية).. الأثمان تضاعفت".

فانوس رمضان ارتفع سعره من دولارين إلى عشرة.. أمام هذه الصورة القاتمة تركت غيداء، صاحبة التسعة الأعوام، العنان لدموعها.. والدها الذي كان برفقتها قال: "لدي خمسة أطفال.. الطعام بالكاد أستطيع توفيره.. فوانيس رمضان هذا العام دخلت خانة الكماليات".

أحد التجار أضاف معلقا: "لن نعرض الفوانيس في المتجر هذا الشهر؛ لأنه لا أحد سيتحمل تكلفة شرائها".

وسنصوم الليل

واصفة ارتفاع الأسعار بالجنوني تساءلت الشابة هند كيف ستستقبل غزة رمضان: "والدي عاطل عن العمل.. وكل مقومات الحياة في بيتنا معطلة.. أظن أننا سنصوم الليل مع النهار".

ويضرب حسام البنا، الأب لسبعة أبناء، كفا بكف قبل أن يصيح بغضب: "لا مواد غذائية أساسية.. أزمة خانقة.. انقطاع متكرر للتيار الكهربائي.. الفطور والسحور سيكون على ضوء الشموع".

"بابا لن يأتِ لنا باللحوم ولا الفواكه.. سنأكل العدس والفول"، بهذه العبارة الحزينة بدأت الطفلة نادية حديثها لـ"إسلام أون لاين.نت"، وتابعت بحسرة: "رمضان هذا العام حزين".

"سنعيش حياة التقشف.. الإفطار الجماعي والاحتفالات والزيارات الاجتماعية كلها ستكون ملغاة"، شعارات رفعتها العديد من العائلات الغزاوية أمام تفاقم الحصار واشتداد لسعاته يوما بعد يوم وتجاوز معدلات البطالة 80%.

ولن تتمكن مسكنات التهدئة من شفاء جراح المدينة وإعانتها على استقبال الشهر الفضيل بنسمات الراحة، فحركة المعابر لا تزال على حالها، ومئات الأصناف والبضائع تصطف على الأرصفة لا تجد من يشتريها.

أنقذوا غزة

جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، قال إن معابر غزة "مشلولة"، ولا تعمل بشكل طبيعي رغم التهدئة السارية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية مصرية قبل شهرين.

وأكد الخضري في بيان وصلت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه أن ما يدخل القطاع عبر المعابر التي تفتح بشكل جزئي لا يتعدى 15% من احتياجات غزة المحاصرة.

وأشار إلى أن معابر القطاع - وخاصة معبر "المنطار (المعروف إسرائيليا باسم كارني) التجاري المهيأ للعمل بقدرة تشغيلية كبيرة - يجب أن تبقى مفتوحة على مدار الساعة لأكثر من عام لإزالة آثار حصار نحو مليون ونصف المليون إنسان.

وأوضح الخضري أن إسرائيل لم تلتزم باستحقاقات التهدئة، وهي زيادة كمية البضائع 30% بعد أسابيع من إبرامها.

ولفت إلى أن الواقع في غزة لم يتغير، والحصار ما زال مستمرا على كافة الجوانب: "غزة تحتاج يوميا 400 شاحنة من المواد الخام اللازمة للقطاعات الصناعية المختلفة، ومنها الغذائية والمعدنية والبلاستيكية والنسيجية والورقية والكيمائية والإنشائية والخشبية، إضافة إلى البضائع اللازمة للتجار".

وشدد على أنه مع اقتراب شهر رمضان يجب زيادة كمية المواد الغذائية وتلبية حاجات أهالي غزة، خاصة أنها تزداد في شهر رمضان، ودعا إلى زيادة عدد رءوس الماشية ورفع نسبة الوقود المسموح بها.

ووجه الخضري رسالة إلى الضمير العالمي ومؤسسات حقوق الإنسان والمستوى الرسمي والشعبي في الدول العربية والإسلامية والغربية قائلا: "كفى للحصار.. لا بد من التحرك العاجل".

.

   طباعة 
التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
اضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
3 + 6 = أدخل الكود
روابط ذات صلة
روابط ذات صلة
الخبر السابقة
الاخبار المتشابهة الخبر التالية

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

wewe