2leep.com

هلمّوا نَزدَدُ إيمانًا

عرض المقال
هلمّوا نَزدَدُ إيمانًا
2353 زائر
23-01-2012 11:30
غير معروف
الكـاتب : نبيل جلهوم

إن الإيمان الحق بالله إذا استحكم في القلب استحكاما صادقا قذف الله في ذلك القلب نورا يشع على صاحبه، وهداية تدفعه لكل خير، وإحساسا يجعله يشعر بمن هم في حاجة وكرب، وهمًّا يجعله يشعر بهموم الآخرين من حوله.. بل ويتعدى ذلك إلى أن هذا الإيمان الصادق والمعرفة الحقة بالله تصل بالعبد إلى أن يكون عبدا ربانيا يتكلم بكلام الله وينطق برحمات الله ويسعى إلى رحمة عباد الله.. ويتحول إلى كتلة من النور وشعاعا يشع به على الناس بكل الخير وعظيم السرور.

فيلين الجانب، ويساعد المحتاج، ويطبب العليل، ويصنع الخير، ويغلق الشر، ويتحول إلى منارة وشامة وعلامة في دنيا أصابها الزمان بعطب في نفوس كثير من الناس، فصارت قاسية لا تتأثر ولا تتحرك حتى في مجرد محاولة تغيير النفس إلى ما فيه خيريتها قبل خيرية الآخرين.

دعاء ورجاء:

اللهم ارزقنا إيمانا حقا وصدقا واجعلنا شامة وعلامة وأئمة في كل ميدان ولا تجعلنا من القاسية قلوبهم.

قال -تعالى- في سورة المؤمنون: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون: 1 - 11].

وقد منهجت الآيات كوكبة رائعة جميلة لبعض مقتضيات الإيمان وشرطية الحصول على الفلاح الذي به وعد الكريم الرحمن:

خشوع في الصلاة.

إعراض عن اللغو.

إيتاء للزكاة.

حفظ للفروج إلا على الحلال الذي أباحه الله من الزوجات ومَلكاتُ الأيمان.

رعاية وحفظ للأمانات والعهود.

محافظة على الصلوات.

* روى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قوله لأصحابه: هلمّوا نزدد إيمانا.

• وكان سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يدعو فيقول: اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها.

الإخلاص طريق ُ المؤمنين:

والإخلاص عند المؤمنين طريقا لا غنى عنه.. فهم يجعلون الله غايتهم ومقصدهم من كل صغيرة وكبيرة.. يسعون ويعملون ويصلون ويعبدون ويفعلون الخيرات من أجل أن يرضى الله - وحده عنهم.. فهو المقصد من نياتهم وكل تحركاتهم.. فهم قد فقهوا قول نبيهم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.... الخ.

خلاصة: إن كتب الله لعبده الإخلاص كٌتب بإذنه -تعالى- من المؤمنين.

رجاء: اللهم اجعل أعمالنا لك خالصة ولوجهك متجهه وعندك مُتقبّلة وارزقنا بحقّها رضاك.

صلاة المؤمنين:

إن المؤمنين في صلاتهم يخشعون وعليها دائما يحافظون..

إنها المجاهدة الضرورية التي يمارسها المؤمنون في صلواتهم حتى اتصفوا بصفة المؤمنين..

فالخشوع في الصلاة، والمحافظة عليها، ما هو إلا تذلل للخالق وخوف من شديد البطش وسكون إلى الرحمن الرحيم.

والخشوع في الصلاة والمحافظة عليها ما هما إلا ثمرة لممارسات سبقتهما حتى أدت إليهما ووصفت المؤمنين بوصفيهما.

هكذا خشعوا.. وهكذا عليها حافظوا:

(*) استحضروا جلال وهيبة وعظمة الله عند سماع صوت المؤذن يعلو الله أكبر، وآمنوا أنه -سبحانه- أكبر من كل عمل يمارسونه في وقت صلاتهم، فتركوا الأعمال وشدوا إلى الله الرحال والي مُصلّاهم وقبلتهم جلسوا باطمئنان، يستبشرون ببيعهم الذي بايعوا، فلقاء الجليل حان، والأبواب فُتحت من الجنان، والهرب الأكيد للشيطان كان، وإذا قضى الله الأجل كان منه الرضى وحسن الختام والرضوان.

(*) استجمعوا تفكيرهم وطاقاتهم مع الإمام وتدبروا الآيات.. فوجدوا وعدا ووعيدا استدعى تعوذّهم منه.. ووجدوا جنة ونعيما استدعى تشوقهم وطلبهم وسؤالهم.

(*) قللوا من حركات الجسد أثناء الصلاة فلم يزيدوا عن الثلاث... وعلموا أن من خشع قلبه خشعت جوارحه وسكنت عن الحركة، وصارت معلقة بأعالي الجنان.

(*) استحضروا أن هذه الصلاة التي يصلونها هي آخر ما سيكون من صلاة فجعلوها صلاة توديع ووداع.

(*) اغلقوا هواتفهم المحمولة لإيمانهم بأن الصلاة صلة بالله ومع الله ويجب قطع غيرها من الاتصالات مع الناس.

(*) نظروا محل سجودهم ولم يلتفتوا يمنة ولا يسرة... وكأن على رؤوسهم طيرا.

المحاسبة سمت المؤمنين:

ازداد المؤمنون إيمانا بأن عاشوا عَيش الصالحين الربانيين، فداوموا على محاسبة أنفسهم حسابا شديدا، لإيمانهم بأنها الدواء من كل داء، والشفاء من كل سقم وبلاء، والمطهرة للبدن، والرافعة للشأن والقدر، عند مليك مقتدر بل وعند كل البشر، وانتبهوا بأن الأيام مُسرعةُ، والشهر والشهران يتبع بعضهما بعضا وكأنهما ينطويان طياَّ..

فكانت محاسبتهم شاملة لكل مجريات اليوم من أمور تتعلق برب الجلال وأخرى تتعلق بعباده - سبحانه وتعالى -..

متذكرين في ذلك إمام التقوى علياّ ابن أبى طالب كرم الله وجهه عندما سُال عن التقوى: ما التقوى يا إمام؟ فقال: "هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل".

ولماّ آمن المؤمنون بأهمية التقوى أوقفوا أنفسهم عندها وراجعوها، فتحققت فيهم خيرية عظيمة..

دعاء:

اللهم اجعلنا يا جليل ممن يخافونك ويعملون حقا بمحكم تنزيلك ويقنعون بعطاء قليلك ويستعدون ويشمرون ليوم رحيلهم ولحظة خروج روحهم ووقت إنزالهم إلى وحشة قبورك.

كيف يحاسب المؤمنون أنفسهم:

(*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على صلاة الفرائض.. أكانت على وقتها وبخشوعها وبحقها.

(*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على السنن الراتبة.. هل أتمموها بثنتي عشرة ركعة ليفوزوا بقصر في الجنة أم حرموا أنفسهم من قصرهم في يومهم.

(*) المؤمنون إذا وقعوا في غيبة ونميمة استغفروا وأنابوا ورجعوا وكفّروا عن ذلك.

(*) المؤمنون إذا أساءوا لأحد بفعالهم أو بألسنتهم راضوهم وأكرموهم، وتحببوا إليهم تحاببا، وتصافوا معهم تصافيا، ولم يناموا يومهم وهم يحملون بغضا لغيرهم طمعا في جنة ربهم.

(*) المؤمنون يتصدقون وينفقون لربهم، ويحبون العمل لدينهم وهم خير من يفقهون قوله - تعالى -: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) فأنفقوا لتكون لهم الجنة، وعملوا لدينه لينالوا

شرف التأسي بالأنبياء، لتربح بذلك تجارتهم مع الله -عز وجل-.. يرجون تجارة لن تبور.

(*) المؤمنون إذا أذنبوا استغفروا وتابوا واستشعروا رضى ربهم ورحمته ولم يسوّفوا ولم يؤجلوا ولم يقولوا للإنابة والرجعة غدا موعدنا.

وهكذا راقبوا أنفسهم وحاسبوها، إيمانا منهم ويقينا بأنه من يحاسب اليوم نفسه هان عليه الحساب يوم الحساب.

الاستقامة طموح المؤمنين:

فالمؤمنون ما أن ينتهون من الطاعة إلا ويدخلون في غيرها.. ويترجمون على الدوام بما تحمله قلوبهم من الإيمان.. فالاستقامة ترجمة فعلية لإيمان القلوب: (قل آمنت بالله ثم استقم)..

والمؤمنون يكثرون من دعاء الفاتحة: (اهدنا الصراط للمستقيم).

وهم خير من يعلمون قول خالقهم: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا)...

خاتمة ودعاء:

اللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك. اللهم أعطنا منها ما يرضيك عنا. واجعلنا من المؤمنين حقا وصدقا.. اللهم سّيرنا ولا تخّيرنا. اللهم خُذ منا وتول أمرنا عنا.

اللهم أشغلنا بك وهب لنا هبة لا سعة فيها لغيرك إنك أنت العزيز الوهاب.

اللهم اقطع عنا كل قاطع يقطعنا عنك. اللهم تَوَلَّنا ولا تُوَّلِ علينا غيرك. اللهم إنا نرجو رحمتك ونخشى عذابك. اللهم اجعلنا من المرحومين ولا تجعلنا من المطرودين.

اللهم يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمائر الصامتين فإن لكل مسألة منك سمعاً حاضراً وجواباً عتيدا ولكل صامت منك علماً ناطقاً محيطاً نسألك بمواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة أن تجعلنا من المؤمنين وعلى هدى سيد المرسلين.

اللهم أُنزلنا بك حاجتنا وأنت عالم بها اللهم اقضها في السماء حتى تُقضى في الأرض...آمين... برحمتك يا أرحم الراحمين.

   طباعة 
الوصلات الاضافية
عنوان الوصلة استماع او مشاهدة تحميل
التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
اضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
8 + 5 = أدخل الكود
روابط ذات صلة
روابط ذات صلة
المقال السابقة
المقالات المتشابهة المقال التالية
جديد المقالات
جديد المقالات

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

wewe