وقال زوكورليتش خلال المؤتمر الذي عقده بمقر المشيخة في مدنية نوفي بازار عاصمة إقليم السنجق ذي الغالبية المسلمة: إن "تراجع صاحب دار النشر عن موقفه من توزيع الرواية، وتقديمه اعتذارا للمسلمين، يعد أمرا إيجابيا يستحق التشجيع، والاكتفاء بما صدر عن المشيخة من ردود فعل حتى هذا اليوم".
"قبيحة جدا"
قرار الناشر الصربي بوقف توزيع "جوهرة المدينة" يجيء بعد أيام قليلة من إلغاء دار نشر "راندوم هاوس" الأمريكية اتفاقا على نشر الرواية أبرمته مع مؤلفتها الصحفية الأمريكية شري جونز؛ "لحماية المؤلفة، وموظفي دار النشر، وبائعي الكتب، وأي شخص آخر يقوم بتوزيع أو بيع الرواية"، وفقا لتوماس بيري نائب الناشر.
وتلقت "راندوم هاوس" نصيحة من دنيس سبيلبيرج الأستاذة المساعدة للتاريخ الإسلامي في جامعة تكساس بأوستن، من أن الرواية ستفجر ردود فعل غاضبة من المسلمين، ربما تفوق ردود الفعل التي قوبل بها نشر رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي، والرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم).
ووصفت سبيلبيرج "جوهرة المدينة"، التي تتعرض بالإساءة للحياة الزوجية بين الرسول والسيدة عائشة، بـ"القبيحة جدا والغبية".
ومع إلغاء الاتفاق بحثت المؤلفة عن دار نشر خارج الولايات المتحدة، فكانت دار النشر الصربية التي وافقت على إصدارها باللغتين الإنجليزية والصربية، قبل أن تتراجع أمس وتعتذر للمسلمين.
وأعلنت جونز، التي كان يفترض أن تنشر روايتها منتصف أغسطس الجاري، أنها ستعلن خلال الأيام المقبلة أسماء دول أخرى اشترت حقوق النشر.
أول مرة
وردا على سؤال لـ"إسلام أون لاين.نت" عن سبب اختيار الكاتبة لصربيا بالتحديد لإصدار الرواية، أجاب خير الدين باليتش المسئول الإعلامي بالمشيخة الإسلامية: "ربما توقعوا عدم صدور رد فعل قوي من جانب مسلمي صربيا البالغ عددهم نحو 700 ألف (من أصل ثمانية ملايين نسمة)".
لكن نشر "جوهرة المدينة" قوبل برد فعل غاضب من قبل المشيخة، ودعا المفتي العام إلى عقد جلسة طارئة للمشيخة؛ لمناقشة سبل الرد، واتخاذ موقف من دار النشر الصربية.
وبحسب باليتش، فإن هذه أول مرة يصدر في صربيا كتابا مسيئا للإسلام، وهو ما يفسر -حسب قوله- "الصدمة التي أصابت الأوساط الإسلامية الصربية، وأثارت سريعا رد فعل غاضب؛ مما أثمر تراجعا سريعا من دار النشر".
لأجل كوسوفا
والرواية التي تتضمن إساءات بالغة دفعت جريدة "دانس" اليومية الصربية إلى وصفها بأنها "أشد من رواية سلمان رشدي (آيات شيطانية)".
وتناولت كثير من محطات التلفزة الرئيسية في صربيا موضوع الرواية، والإساءات البالغة بحق السيدة عائشة والرسول عليه الصلاة والسلام، واختلفت الآراء حول نشرها أو منع النشر.
فبينما وضعها البعض في خانة حرية الرأي، رآها آخرون تضر بعلاقات صربيا مع العالم العربي والإسلامي، التي تشهد تحسنا في الآونة الأخيرة، في ظل إعلان صربيا نجاح دبلوماسيتها في الدول العربية حتى الآن في إثناء الدول العربية عن الاعتراف باستقلال كوسوفا عن صربيا في فبراير الماضي.
ويتمركز مسلمو صربيا بشكل أساسي في إقليم السنجق بالجنوب، ومعظمهم منحدرون من أصول بوسنية وألبانية.
وتتهم أوساط المشيخة الإسلامية في صربيا السلطات بالسعي إلى إضعافها وتطويعها لصالح أجندة صربيا السياسية، عبر محاولات لتأسيس مشيخة أخرى في بلجراد تلبي التوجهات الرسمية في مقابل المشيخة التي تتخذ من عاصمة إقليم السنجق مقرا لها، وتتمتع بدعم وتأييد غالبية مسلمي صربيا.